رسالة الى الامناء العامين للاحزاب الفلسطينة
تحية طيبة وبعد
الموضوع: المتطلبات الوطنية من منظمة التحريروالأحزاب الفلسطينية في ظل التحولات السياسية الراهنة
تلعب الأحزاب السياسية دورًا محوريًا في صياغة الواقع الفلسطيني، إذ يقع عاتقها على مسؤولية التخطيط والحفاظ على الأرض والمقدرات. كما تحتل منظمة التحرير الفلسطينية والأحزاب السياسية مكانة مماثلة في ميدان النضال الوطني حيث تتحمل مسؤولية التنظيم والتخطيط والتمثيل السياسي لشعب يواجه تحديات مستمرة.
منظمة التحرير الفلسطينية: الدور التاريخي والتحديات الراهنة
منذ تأسيسها عام 1964، قادت منظمة التحرير الفلسطينية النضال الوطني الفلسطيني في سبيل احقاق الحقوق الوطنية الفلسطينية، وقد تميز دورها بالمسؤولية في المحافل الدولية، حيث مثلت الشعب الفلسطيني سياسيًا على مدار عقود، إلا أن المنظمة واجهت أزمات بنيوية في طبيعة العلاقة بين السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، في المرحلة التي تلت اتفاق أوسلو ومع تصاعد الأزمات السياسية، سيما في ظل استمرار الاحتلال والعدوان المتكرر على الشعب الفلسطيني، برزت تساؤلات حول مدى قدرة المنظمة على إعادة تموضعها كقيادة وطنية جامعة، قادرة على استيعاب كافة الفصائل والقوى السياسية، وتعزيز التمثيل الديمقراطي والتوافق الوطني.
الأحزاب الفلسطينية بين الأيديولوجيا ومتطلبات المرحلة
لعبت الأحزاب الفلسطينية، سواء المنضوية تحت مظلة منظمة التحرير أو تلك التي خارجها دورًا مهمًا في صياغة المشهد السياسي والاجتماعي الفلسطيني فمنذ النكبة عملت هذه الأحزاب على بلورة رؤى وبرامج سياسية تتوافق مع كافة أشكال المقاومة المشروعة التي كفلتها القوانين إلا أن هذه القوى تواجه اليوم تحديًا وجوديًا يتمثل في قدرتها على التكيف مع متغيرات الصراع والسياسات الإقليمية والدولية ومن أبرز الإشكاليات التي تواجه الأحزاب الفلسطينية أولاً الانقسام السياسي الداخلي حيث لا يزال الانقسام بين حركتي فتح وحماس يمثل عائقًا كبيرًا أمام بناء استراتيجية وطنية موحدة ، ثانياً ضعف التفاعل مع الأجيال الشابة حيث تجد الفصائل صعوبة في استقطاب الشباب وتمكينهم من المشاركة الفاعلة في صنع القرار، وثالثاً التحالفات الاقليمية ومدى مناسبتها، لمتطلبات التحرر والاستقلال الوطني. اضافة الى عدم وجود قانون ينظم عمل الاحزاب الفلسطينية والتي تواجه صعوبات في الحصول على التمويل اللازم لتفعيل برامجها المكتوبة على الارض وبما يحقق تطلعات منتسبيها بشكل خاص والمجتمع الفلسطيني بشكل عام،
دور الأحزاب في ظل العدوان على غزة
أثبت عدوان الاحتلال على غزة أن هناك حاجة ماسة إلى إعادة تقييم شاملة لأدوار الأحزاب الفلسطينية ومنظمة التحرير ككيان جامع وممثل وحيد للشعب الفلسطيني، إذ بدا واضحًا أن هناك فجوة بين الواقع السياسي ومطالب الشارع الفلسطيني فبينما تدير القوى السياسية خارج منظمة التحرير المواجهة المباشرة مع الاحتلال سواء من خلال المواجهة المباشرة او ادارة ملف التفاوض على انهاء العدوان وادارة قطاع غزة في اليوم التالي للعدوان، تعاني بعض الأحزاب من أزمة الخطاب السياسي الفاعل الذي يمكنه مخاطبة العالم بوضوح ودقة حول ضرورة وقف العدوان وتطبيق الاتفاقيات والقرارات الدولية المتعلقة في اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفي المقابل، برزت أصوات بعض المثقفين والناشطين الذين حاولوا سد هذه الفجوة، بينما ظل البعض الآخر منخرطًا في سجالات جانبية عبر وسائل التواصل الاجتماعي دون تبني مشاريع فكرية وسياسية حقيقية قادرة على تحقيق تحولات جوهرية .
المتطلبات الوطنية نحو استراتيجية وطنية جامعة
سندا لما تم الاتفاق عليه في جولات المصالحة المتعددة، فان تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية كإطار وطني شامل بالتوازي أصبحت احتياج ملحاً بما يشمل إعادة بناء مؤسسات المنظمة بحيث تكون أكثر تمثيلًا وشمولية لكافة الفصائل الفلسطينية وتعزيز الشراكة السياسية بين الأحزاب بما يضمن توحيد الخطاب الفلسطيني داخليًا وخارجيًا وضرورة إشراك الشباب والمرأة في مستويات صنع القرار لضمان تمثيل أكثر ديناميكية واستجابة لمتطلبات المرحلة. كما يجب اعتماد نهج موحد يجمع بين العمل السياسي والدبلوماسي والميداني، وفق رؤية متكاملة. وفي النهاية يجب القول ان تبنى رؤية تجديدية تواكب متطلبات المرحلة يمكن أن تساهم بشكل كبير في استعادة جمعية تمثيل منظمة التحرير، ومواجهة الاحتلال والتحديات الداخلية تعمل على توحيد الفلسطينيين تحت راية التحرر الوطني وبناء الدولة وضمان مستقبل سياسي أكثر تماسكًا واستقلالية، وتكرس سلمية تداول السلطة
مع فائق الاحترام والتقدير،
محمد العملة
احدى مشاركي مشروع حوارية – مؤسسة REFORM
الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن وجهة نظر صاحبها وليس بالضرورة رأي المؤسسة او الممول.