بقلم: صلاح موسى

يصدر الرئيس مرسوما بحماية الحقوق والحريات ثم تهدرها القرارات بقانون! فما القرارات المتعلقة بالشأن القضائي التي صدرت سابقا وتعديل قانون الجمعيات اليوم الثلاثاء الموافق 2/3/2021 الا دليلا على ذلك، تفشل الحكومة في توزيع اللقاح وتكرر فشلها مرات لتنسب للرئيس اصدار قانون معدل للجمعيات حتى تصبح الاخيرة تحت قبضة الحكومة! يتلقى اعضاء الحكومة اللقاح ويترك الناس يعانون دون أي اكتراث بصحة المواطنين! ثم تقول الحكومة ورئيس وزرائها للتجار اغلقوا المحلات ويحملون الناس مسؤولية انتشار المرض أي استهتار بمكونات المجتمع الحية، فبدلا من اصدار هذه القوانين لماذا لا يلتفت سيادتكم و حكومتكم الموقرة لصحة الناس وتعملون على توفير اللقاحات لحماية ارواح الناس بدلا من تطعيم المسئولين فقط دون غيرهم، ان هذه القوانين وهذه السياسات تعني ان المستوى السياسي لا يقيم وزنا للقضاة او المحاميين ولا لمؤسسات المجتمع المدني ولا للنقابات ولا للقطاع الخاص، في الحقيقة هذه القوانين واصدارها بهذا الوقت بالذات تعني ان الناس عليهم السمع والطاعة ! ثم ترغبون باجراء انتخابات، وتعتقدون انكم ستفوزون!

لا ارى مكانا للكتابة عن عدم دستورية قوانين السلطة القضائية ولا عن قانون الجمعيات وتعديلاته ولا جدوى لبيان الخلل وعدم دستورية هذه القوانين مع من سن هذه القوانين لان من نسب هذه القوانين لسيادتكم لا يسمع الا صوته، اعتقد انه حان الاوان سيادة الرئيس ان تتحمل المسؤولية السياسية وأن تقيل حكومة اشتيه وتوقف العمل بهذه القوانين ، وبناء على ما صدر عنكم من قرارات بقانون فاننا نضع جملة من الملاحظات حول القانون المعدل لقانون الجمعيات حتى يدرك الناس الكارثة التي نحن بها والتي تتلخص بالاتي:

1- عدل القرار بقانون في المادة(2) منه ما ورد في المادة(13) من القانون الاصلي بحيث اصبح النص الجديد يجبر الجمعية على تقديم خطة عمل سنوية للوزارة المختصة وموازنة تقديرية للسنة الجديدة تكون منسجمة مع خطة الوزارة. وكأن الوزارات المختصة قائمة بعملها، وكأن النص يرغب بالحاق الجمعيات بالوزرات المختصة، وما علاقة خطة الوزارات المختصة بعمل الجمعيات فهي تعمل في اماكن لا تستطيع الوزرات العمل بها، هذا النص محط استهتار وقلة احترام لقدرة الوزارات وطبيعة عمل الجمعيات وفيه تدمير ممنهج وللاسف قد يكون مقصود لتقويض عمل الجمعيات كركن من اركان النسيج الاجتماعي.

2- ان الحصول على تمويل من أي جهة لن يتم الا من خلال نظام يصدر عن مجلس الوزراء كما جاء في تعديل المادة (33) للقانون الاصلي والتي اضافت المادة (4) في القرار بقانون هذا التعديل، أي يريدون ان يطبقوا ما طبق في الشركات غير الربحية على الجمعيات ولقد نشرت دراسة حول بطلان هذه الاجراءات في عمل الشركات غير الربحية وعلى ما يبدو ان النظام المقصود في هذه المادة هو انفاذ كافة الاجراءات المتعلقة بالشركات غير الربحية على الجمعيات وبالتالي يصبح الحصول على تمويل مهما كان نوعه وقيمته خاضعا للامانة العامة لمجلس الوزراء حتى يتم تركيز النفوذ في هذه الدائرة للاسف كما هو حاصل في التمويلات الخاصة في الشركات غير الربحية.

3- عدل القرار بقانون المادة (39) من القانون الاساسي من خلال المادة (5)منه بحيث اصبح يتيح للوزير حل الجمعية دون تحديد من هي الجهة المخولة بالحل قانونا، هذا يعني ان أي جمعية لا تتفق مع رغبة الحكومة سيتم حلها.

4- تم تعديل المادة (40) من النص الاصلي من خلال ما ورد في المادة(6) من القرار بقانون بحيث فرض القرار بقانون رسوم على الجمعيات، أي ان الاعتماد المالي للجمعيات من وزارة الداخلية مثلا سيتم دفع رسم عنه وهكذا أي ان الحكومة تبحث عن موارد مالية جديدة!

5- القانون عدل المادة (30) من القانون الاصلي واضاف انه لا يجوز ان تزيد رواتب العاملين والمصاريف التشغيلية عن 25% من اجمالي الموازنة السنوية، من الواضح ان هذا النص هو ذاته ما فرض على الشركات غير الربحية، من وضع هذا النص يعكس جهله او ادراكه ان العديد من المؤسسات تقدم خدمات قانونية ومساعدات انسانية ولذا فانه يسعى لتدمير هذه المؤسسات واغلاقها. فان كنا نتفق على ان الرواتب يجب الا تزيد عن 25% فان ذلك لا يستقيم مع المنطق ان يشمل ذلك المصاريف التشغيلية الاخرى ايضا، حتى المانحين لا يضعون هذه الشروط.

6- بالمجمل فان المحتل لم يستطع ان يكسر شوكة المجتمع المدني الفلسطيني وما زال هو راس الحربة في تعزيز صمود المواطنين في الاغوار ومناطق المصنفة جيم، فان نفذ هذا القرار بقانون كما هو مطبق على الشركات غير الربحية فان ذلك يعني اغلاق هذه المؤسسات وترك المحتل يحقق جزء من مشاريعه التصفوية بالاضافة الى قطع ارزاق الاف الاسر ممن يعملون في هذا القطاع الهام وسيؤدي الى الاضرار بعدد كبير من المستفيدين من خدمات هذا القطاع سواء في المجال الاغاثي والتنموي والحقوقي والقانوني.

ان لم يتم تدارك هذه القوانين ووقف العمل بها فاننا سنكون امام ازمة غير مسبوقة وسيكون لها تداعيات على مكانة فلسطين والتزاماتها امام المجتمع الدولي، وقد يقود الى ازمة مع الاتحاد الاوروبي وجهات دولية اخرى. كما انها ستعزز من الازمة الداخلية التي نعاني منها بسبب رزمة التشريعات القضائية.
ان المسؤولية السياسية تتطلب من سيادة الرئيس الوقوف امام هذه المحاذير والتعامل معها بروح من المسئولية الوطنية التي هي ديدن عمل الرئيس قبل فوات الاوان، فهل تسمع لصوتنا هذه المرة سيادة الرئيس وتستجيب لصوت الناس وحاجاتهم.

الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن وجهة نظر صاحبها وليس بالضرورة رأي المؤسسة او الممول.