دولة الدكتور محمد مصطفى حفظه الله
رئيس الوزراء الفلسطيني
تحية طيبة وبعد،،،
تابعت باهتمام تصريح دولتكم خلال زيارتكم لمدينة بيت لحم في الثامن عشر من نوفمبر، حين أكدتم أننا "لن نستطيع إنجاز مشروعنا الوطني في الحرية والاستقلال بدون مؤسسات قوية، وعلاقة وثيقة مع الشعب". هذه العبارة تختصر أحد الأسس الجوهرية لنجاح مشروعنا الوطني، وهي بناء الثقة بين القيادة والشعب، لا سيما الشباب، وتعزيز دورهم في تحقيق أهداف الحرية والاستقلال.
نحن كشباب فلسطينيين نعيش اليوم تحت هجمة شرسة وعدوان إسرائيلي غير مسبوق يستهدف ليس فقط حاضرنا، بل أيضاً مستقبلنا. هذا العدوان الذي يمارس أبشع أشكال الإبادة الجماعية ضد أبناء شعبنا، خصوصاً في قطاع غزة المحاصر، حيث تتعرض العائلات لعمليات قتل جماعي، وتُدمر المنازل فوق رؤوس ساكنيها، في انتهاك صارخ لكل القوانين والأعراف الدولية. إن هذا الواقع المأساوي، الذي يترافق مع استهداف البنية التحتية والمؤسسات الصحية والتعليمية، يفرض علينا جميعاً التكاتف والعمل المشترك من أجل حماية شعبنا وتعزيز صموده.
ان الشباب الفلسطيني، الذي يعيش هذا الواقع الأليم ويواجه يومياً تداعيات العدوان، يشكل اليوم خط الدفاع الأول في مواجهة هذه التحديات. ومع ذلك، فإننا ندرك أن تحقيق مشروعنا الوطني يتطلب تعزيز شراكتنا في ادارة الشان العام، وإشراكنا الفاعل في صنع القرار الوطني، بما يمكننا من المساهمة في بناء مستقبل فلسطين الحر والمستقل.
إن المؤسسات الوطنية ليست مجرد أدوات لتقديم الخدمات، بل يجب أن تكون منارات للتغيير الاجتماعي والتنمية المستدامة. فحين يشعر الشباب بأن احتياجاتهم تُلبى بشكل عادل، ويجدون في تلك المؤسسات الشفافية والعدالة، فإنهم يصبحون أكثر ارتباطاً بها، وأكثر استعداداً لتحمل المسؤولية الوطنية والمساهمة في تعزيز قوة الدولة وتماسك المجتمع.
في ظل الظروف الحالية، فإن دور الشباب في تحقيق المشروع الوطني يصبح ضرورة لا خياراً. نحن نمثل أكثر من 22% من المجتمع الفلسطيني، حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، ما يجعلنا الشريحة الأكبر القادرة على إحداث التغيير المنشود إذا مُنحنا الفرصة الحقيقية. إن استثمار القيادة في الشباب اليوم هو استثمار في مستقبل فلسطين، وضمانة لتحقيق نمو اقتصادي مستدام وتماسك اجتماعي قوي.
دولة رئيس الوزراء
من هذا المنطلق، فإنني أتقدم إليكم بمجموعة من التوصيات التي أرى أنها ستساهم في تحويل خطاب الشراكة مع الشباب إلى خطة عمل ملموسة:
إشراك الشباب في الخطابات الرسمية لدولتكم المتعلقة بالقضايا الوطنية المصيرية، مما يعزز شعورهم بأنهم شركاء حقيقيون في القرار الوطني. تعزيز المشاركة الشبابية في المؤسسات الوطنية وضمان تمثيل الشباب في لجان صنع القرار الوطني على جميع المستويات. إطلاق منصات رقمية للتواصل مع الشباب تتيح للشباب تقديم أفكارهم ومقترحاتهم حول السياسات العامة، مع توفير آلية لمناقشتها وتنفيذ الأفكار القابلة للتطبيق. إشراك الشباب في إعداد الخطط التنموية على المستوى المحلي والوطني، وإعطاؤهم مساحة لتقديم رؤاهم حول الأولويات التنموية في قطاعات مثل التعليم، الطاقة، والصناعة. وضع سياسات عامة تهدف لدعم الشباب الرياديين من خلال تقديم حوافز مالية، قروض ميسرة، وتسهيلات لإنشاء مشاريعهم، مما يعزز دورهم في التنمية الاقتصادية. تأسيس مجالس شبابية في كل محافظة تعمل كجهة استشارية محلية تتواصل مع الحكومة لتقديم مقترحاتها حول السياسات المحلية. تخصيص ميزانيات للشباب في الخطط الوطنية لدعم مبادرات وبرامج الشباب، مع وضع معايير واضحة لقياس أثر هذه الاستثمارات.
ختاماً، إن إشراك الشباب بشكل حقيقي وفعّال يمثل ضرورة لتحقيق الحرية والاستقلال الذي ننشده جميعاً. إننا جيل طموح يرفض اليأس، وجاهزون لتحمل المسؤولية الوطنية بكل شجاعة، إذا مُنحنا الفرصة الحقيقية لذلك. أدعو دولتكم للنظر في التوصيات الواردة أعلاه، والعمل معنا كشركاء لتحقيق مشروعنا الوطني.
مع خالص الاحترام،
رزان
إحدى المشاركات في مشروع "حوارية II " المنفذ من قبل مؤسسة REFORM
الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن وجهة نظر صاحبها وليس بالضرورة رأي المؤسسة او الممول.